اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. logo إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
فتاوى وأحكام في نبي الله عيسى عليه السلام
51539 مشاهدة print word pdf
line-top
الوجاهة التي أعطيها عيسى عليه السلام

[س 4]: ما المقصود - أجزل الله لكم المثوبة بالكلمة- في قوله تعالى: إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ما الوجاهة التي أعطيها؟ وما هي القربى؟
الجواب: الكلمة لفظ مفرد وجمعها كلمات، والمراد أن الكلمة خلق بها عيسى فأطلق على عيسى كلمة الله؛ لأنه خلق ووجد بها، وهي كلمة (كن)؛ ولهذا قال عن يحيى: مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ أي مصدقا بعيسى الذي خلق بكلمة من الله، فالمعنى هاهنا: يبشرك بولد يكون وجوده بكلمة من الله، أي يقول له: كن، فيكون، كما قال تعالى: وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ أي خلق بالكلمة التي أرسل بها جبريل -عليه السلام- إلى مريم فنفخ فيها من روحه بإذن ربه -عز وجل- وكانت تلك النفخة في جيب درعها فنزلت حتى ولجت فرجها بمنزلة لقاح الأب والأم، ولهذا قيل لعيسى كلمة الله؛ لأنه ناشئ عن الكلمة التي هي (كن) كما قال تعالى: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فليس عيسى هو نفس الكلمة إنما خلق وصار بالكلمة، وليس الكلمة مخلوقة وإنما خلق عيسى بالكلمة، فالكلمة من الله يخلق بها المخلوقات كما قال تعالى: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ .

وقد قالت الجهمية: إن كلمة الله مخلوقة، وعند النصارى: أن كلمة الله من ذات الله؟ والصواب قول أهل السنة: إن كلام الله صفة من صفاته غير مخلوق، وإن عيسى خلق بالكلمة، وليس عيسى هو نفس الكلمة كما هو قول للنصارى.
وقوله تعالى: وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أي له جاه ومنزلة وفضل وشرف عند الله تعالى كما ذكر ذلك عن نبي الله موسى في قوله تعالى: وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا وهذه الوجاهة يكون من آثارها:
تأييده بالمعجزات، وتقويته في المخاصمات التي تحدث له مع من جادله من قومه، وكذلك يكون من آثارها: إجابة دعوته ونصره وحفظه وحمايته من أعداء الله الذين يكيدون له، ولهذا فإن عيسى قد حفظه الله وحماه من كيد اليهود ومكرهم، ولكن لا يلزم من إثبات هذه الوجاهة دعاؤه من دون الله، ولا إعطاؤه شيئا من حق الله تعالى.
ولا شك أيضا أن نبينا محمدا -صلى الله عليه وسلم- له جاه عند الله كغيره من الأنبياء ومع ذلك لا يجوز التوسل بجاهه، فلا يقال: اللهم إني أسألك بجاه فلان، أو بمنزلته عندك؛ لما في ذلك من التعظيم الذي هو خالص حق الله، وأما الحديث الذي يروونه بلفظ: إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم . فهو حديث موضوع لا يجوز روايته إلا مع بيان حاله.
وقوله تعالى: وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ أي من أهل السعادة الذين يفوزون بالقربى والمنزلة الرفيعة في الجنة الذين ذكر الله ثوابهم في قوله تعالى: فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ .
والقربى عند الله هي أشرف المراتب، وهي منزلة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين الذين ذكر الله ثوابهم بقوله: عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ والله أعلم.

line-bottom