فتاوى وأحكام في نبي الله عيسى عليه السلام
الوجاهة التي أعطيها عيسى عليه السلام
[س 4]: ما المقصود - أجزل الله لكم المثوبة بالكلمة- في قوله تعالى: رسم> إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ قرآن> رسم> ما الوجاهة التي أعطيها؟ وما هي القربى؟
سؤال> الجواب: الكلمة لفظ مفرد وجمعها كلمات، والمراد أن الكلمة خلق بها عيسى اسم> فأطلق على عيسى اسم> كلمة الله؛ لأنه خلق ووجد بها، وهي كلمة (كن)؛ ولهذا قال عن يحيى: رسم> مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ قرآن> رسم> أي مصدقا بعيسى اسم> الذي خلق بكلمة من الله، فالمعنى هاهنا: يبشرك بولد يكون وجوده بكلمة من الله، أي يقول له: كن، فيكون، كما قال تعالى: رسم> وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ قرآن> رسم> أي خلق بالكلمة التي أرسل بها جبريل -عليه السلام- إلى مريم فنفخ فيها من روحه بإذن ربه -عز وجل- وكانت تلك النفخة في جيب درعها فنزلت حتى ولجت فرجها بمنزلة لقاح الأب والأم، ولهذا قيل لعيسى اسم> كلمة الله؛ لأنه ناشئ عن الكلمة التي هي (كن) كما قال تعالى: رسم> إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ قرآن> رسم> فليس عيسى اسم> هو نفس الكلمة إنما خلق وصار بالكلمة، وليس الكلمة مخلوقة وإنما خلق عيسى اسم> بالكلمة، فالكلمة من الله يخلق بها المخلوقات كما قال تعالى: رسم> إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ قرآن> رسم> .
وقد قالت الجهمية: إن كلمة الله مخلوقة، وعند النصارى: أن كلمة الله من ذات الله؟ والصواب قول أهل السنة: إن كلام الله صفة من صفاته غير مخلوق، وإن عيسى اسم> خلق بالكلمة، وليس عيسى اسم> هو نفس الكلمة كما هو قول للنصارى.
وقوله تعالى: رسم> وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ قرآن> رسم> أي له جاه ومنزلة وفضل وشرف عند الله تعالى كما ذكر ذلك عن نبي الله موسى في قوله تعالى: رسم> وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا قرآن> رسم> وهذه الوجاهة رأس> يكون من آثارها:
تأييده بالمعجزات، وتقويته في المخاصمات التي تحدث له مع من جادله من قومه، وكذلك يكون من آثارها: إجابة دعوته ونصره وحفظه وحمايته من أعداء الله الذين يكيدون له، ولهذا فإن عيسى اسم> قد حفظه الله وحماه من كيد اليهود ومكرهم، ولكن لا يلزم من إثبات هذه الوجاهة دعاؤه من دون الله، ولا إعطاؤه شيئا من حق الله تعالى.
ولا شك أيضا أن نبينا محمدا اسم> -صلى الله عليه وسلم- له جاه عند الله كغيره من الأنبياء ومع ذلك لا يجوز التوسل بجاهه، فلا يقال: اللهم إني أسألك بجاه فلان، أو بمنزلته عندك؛ لما في ذلك من التعظيم الذي هو خالص حق الله، وأما الحديث الذي يروونه بلفظ: إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم . فهو حديث موضوع لا يجوز روايته إلا مع بيان حاله.
وقوله تعالى: رسم> وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ قرآن> رسم> أي من أهل السعادة الذين يفوزون بالقربى والمنزلة الرفيعة في الجنة الذين ذكر الله ثوابهم في قوله تعالى: رسم> فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ قرآن> رسم> .
والقربى عند الله هي أشرف المراتب، وهي منزلة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين الذين ذكر الله ثوابهم بقوله: رسم> عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ قرآن> رسم> والله أعلم.
مسألة>